نبذة يسيرة عن الشيخ العلامة عبدالله بن محمد باعبّاد

بسم الله الرحمن الرحيم
نبذة يسيرة عن الشيخ العلامة عبدالله بن محمد باعبّاد ( 1364 ـ 1425 هـ )
كتبها ابنه الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله باعبّاد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله , وسلام على عباده الذين اصطفى , والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى , وعلى آله وأصحابه أهيل الصدق والوفاء ومن سار على نهجهم واقتفى ... اما بعد
فهذا نزر يسير من ترجمة سيدي وشيخي ووالدي والآخذ الى كل خير بيدي الإمام الفاضل العلاّمة العامل, ذي الاخلاق والشمائل, بهجة النفوس, وساقي الغروس ,المرشد الناصح, والمجتهد الصالح, المقبول بين العباد, وناشر الدعوة والإرشاد, وباذل النصيحة بهذا الناد, صادق الحب والموالاة الشيخ العلاّمة عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن بن عبدالله بن محمد باعبّاد وينتهي نسبه الى محمد بن عبدالله بن عمرو بن امير المؤمنين سيدنا عثمان بن عفان وامه فا طمة بنت سيدنا الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم وأرضاهم .
ولد رضي الله عنه يوم الاربعاء 26 من شهر شوال سنة 1364هـ ولاحظته العناية الازلية في حجر والده وجده الشيخ الإمام العلاّمة عبدالرحمن بن عبدالله باعبّاد ولازمه الملازمة التامة وكان يحبه محبة شديدة ويشير إليه من صغره وله منه العناية الكاملة ولما اخبر بولادته والده قال على الفور بالحروف الابجدية ( وُجِدَ شيخ بلدته ) فكان الأمر كذلك .
تلقى العلم عن أعيان عصره وفي طليعتهم جده العلاّمة الشيخ عبد الرحمن والإمام احمد بن حسن الحداد ووالده الشيخ الفقيه محمد بن عبدالرحمن باعبّاد والإمام علي بن محمد بن عيدروس بن عمر الحبشي وكان الإمام علوي بن شهاب الدين يحبه ويشير إليه ومن شيوخه الإمام جعفر بن احمد العيدروس وكان يسميه الشيخ العزيز والذهب الابريز وقد كتب له بذلك.. والخلاصة بلغوا شيوخه كما يذكر قبيل وفاته اكثر من سبعين شيخ . ومنهم على وجه الخصوص الإمام العلاّمة سيدي الإمام عبدالقادر بن احمد السقاف متّع الله به , كان اذا ذكرت له الوالد تأخذه العبرة ويثني عليه الثناء العظيم. رحل الى ارض الحرمين لاداء النسكين وزيارة سيد الكونين مرات عديدة والتقى هناك بجملة من علمائها وقرأ عليهم واخذ عن الكثيرالطيب منهم نفرد ذلك إن شاء الله في ترجمة واسعة لاحقة .. وكان الوالد رحمة الله له الصلات المميزة بجميع من عرفه من كافة الطوائف لا يجالسه احد ولو مرة واحدة إلا ويحبه ويحرص بعدذلك على مجالسته. وكانت الاسماع تتشنف بكلامه ولها بذلك طرب وانس كامل وهو بهجة المجلس بحق يشهد بذلك شيوخ العصر ممن عرفه , ومحبته في القلوب تنساب كانسياب الماء إلى المغاور .
وكان على غاية من التواضع لا يرى لنفسه حق حتى مع تلامذته وأولاده , ويحب المساكين خاصة ولهم به التعلق الكبير , وترى الناس بمجرد ملاقاته يبتسمون ويظهر على محياهم السرور بلقائه . وله الاعتناء بزيارة كبار السن والمرضى من اهل بلده خاصة والبلاد الاخرى عامة .متعلق بالاعتكاف في المساجد , وحب الطيب والرائحة الحسنة فلا يكاد يمر بطريق إلا وتشم منه الرائحة الطيبة ويقول الناس مر الشيخ هاهنا , والترتيب في شئونه سجية ملاحظة فيه من قبل الجميع , وحتى من يريد حضورهم من خارج البلد لجنازته كتب أسمائهم ومناطقهم . وهو آية في معرفة الأنساب وتراجم الرجال يتمتع بحافظة قوية فريدة لا يجالسه احد إلا ويأتي الوالد بنسبه وسيرة أهله بما يذهل الجالس معه , يسمع منه من اخبار اهله الخاصة ماهو جديد بالنسبة له , وإذا التقى بأحد تعرّف عليه وباسطه ولم ينفض المجلس إلا والاخوة الإسلامية قد انعقدت في الله . حضر جنازته كثير ممن لهم رؤى فكرية اخرى من إخوانه المسلمين فرؤوا وهم يبكون وتعجب بعضهم فسألهم فاجابوا عمّا يكنونه لسيدي الوالد من الحب والاجلال ,لأنهم رأوا فيه ما أزال تصورهم الخاطئ فأحبوه وعرفوه عالماً صالحاً ومصلحاً داعياً .
جلس فترة من الزمن ببلد المحفد وما جاورها فأحبه الناس محبة الابن لابيه وتاثروا به الاثر الكبير وعلّم ونصح وارشد واحسن الملاطفة معهم حتى تخرج على يده كثير من طلاب العلم وزهت به تلك البلاد .
وأما في بلاده الغرفة فقد قام سيدي الوالد في المقام أحسن قيام , يؤم الناس ويرشدهم ويحضر محاضرهم في جميع افراحهم واتراحهم لا ترى فرح ولا ترح لأهل البلد وضواحيها غالباً إلا وهو البارز في الحاضرين قائماً بالواجب مع الجميع مع أخلاق عالية وبشاشة للصغير والكبير وأخذ خاطر للكل .
وفقه الله لعدة مشاريع خيرية منها سعيه في قضاء حاجات المعوزين من كافة القبائل وربما بنفسه يذهب في قضاء حوائجهم ويحملها بيده ويجتهد في ذلك وكأنها حاجة اهله ومنها بناء مسجده مسجد الأبرار في المكان المسمى الفليتية وعمل الى جانبه ما يحتاجه المسجد وقام بفضل الله بعمارة مسجد الشيخ القديم بشعب نبي الله هود وله الاعتناء الخاص بتلك الزيارة ويذهب معه العدد الكبير وتعقد هناك المجالس العلمية والدعوية وكان يؤم الناس بذلك المسجد النوير وعمر هناك الخدور وقام في بناء مسجد القديم المسمى المحلة بعد ان تهدّم , واشرف على عمارة مسجد الشيخ علي بن عمر باعبّاد المسمى الجابية عدة مرات ومسجد علي ومسجد الدوار والعمارة الأولى والثانية لمسجد محفوظ ووفقه الله لبناء سور لمقبرة البقيع بالغرفة وهي مقبرة واسعة وببركته تم تأسيس رباط الإسعاد بجانب الجامع ومدرسة امهات المؤمنين وفروعها وله الاعتناء بعدة سقايا لشرب الماء وقبل وفاته بليلة كان يهتم بالسقاية التي في التربة . تكرم الله عليه بنظم السيرة النبوية قصة الميلاد وسمّاها ( الفيض الرباني في مولد المصطفى العدناني ) وله القراءة العجيبة المرتلة المؤثرة للسيرة النبوية والمدائح المحمدية , فإذا ما قرأها رأيت التفاعل بالحب للحبيب صلى الله عليه وسلم بادي على الجميع , تكرم الله عليه برؤية الحبيب ورؤي معه مرات وكانت اخر رؤيا قبيل وفاته , له ديوان شعر حكمي وحميني ومجموعة واسعة من الخطب المنبرية وتراجم لأهله السلف الأمجاد وغيرها من المآثر الحسنة .
قبيل وفاته بارك الله في الثلاث الايام الاخيرة من عمره فزار اكثر بلدان حضرموت وحصلت له مبشرات عظيمة ومراءي حسنة والى اخر سويعات حياته كان على اهتمام بالغ بالدعوة الى الله وذكر خلالها عدة مسائل علمية ونبّه على الاهتمام بشأن المساجد وتراتيبها وليلة وفاته كان يسعى في اصلاح أسرة ولم شملها كما هي عادته ولم يترك صلاة الجماعة الى اخر صلاة صلاها وكان يقول : وعمري سبع سنين ما تركت الجماعة قط . وسمعت هواتف الحق المبشرة قبيل وفاته سمعها عدة من الصالحين , كانت وفاته يوم الاثنين بعد دخول يوم التروية ودفن ليلة عرفة , تتغشى جنازته المهابة والجلال وسواكب سحب الفضل الرباني وازدحم الجامع وازدحمت ساحاته الواسعة ولم ترى حضرموت من قبل جمعاً مثل ذلك والعيون تسح بالدموع الغزيرة والألسن تلهج بالذكر والدعاء الخالص , وتوالت التعازي من كثير من البلاد الاسلامية واليمنية والحضرمية في الفقيد العزيز وكل من عزى نحن يقول هذا أبونا وأبوكم , وصلّى عليه صلاة الغائب وعُمل له الختم في كثير من البلدان الاسلامية ونودي في بلده بالختم يوم الاحد عصر آخر ايام التشريق, رحمه الله وأخلفه بالخلف الصالح ووفقنا وإخواننا وأحبابنا للسير بسيرة هذا الامام وجعلها نصب اعيننا وسراجنا في الظلام ومن اراد الأستزادة في ترجمة هذا الامام فليعد الى مقدمة كتاب ( درر وفوائد مما استفدته من سيدي الوالد ) وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


وكتبه مستمد الدعاء
عبدالرحمن بن عبدالله بن محمد باعبّاد